هل هناك مخرج سوري للحرب؟
بالرغم من التقلبات العسكرية الكبيرة التي ميزت الشهرين الماضيين من عمر الثورة السورية، لاتزال آفاق الحل أو الخروج من النفق مغلقة تماما. ولا يكاد الموقف السياسي يشهد أي تغير يذكر، لا في معسكر النظام ولا في معسكر الثورة والمعارضة ولا في معسكر الدول الاقليمية والبلدان الصديقة التي وقفت منذ الأشهر الأولى إلى جانب الثورة ولا تزال. فلا يكاد التقدم الذي تحرزه المعارضة أو النظام على الأرض وفي الميدان العسكري (انظر فصل الوضع العسكري) ينعكس كثيرا على المواقف السياسية.
داعش والتطرف المتعدد الأشكال هو الوحيد لذي يتقدم ويتمدد على الساحة السورية، ويقطع الطريق على أي أمل بالخروج من الحرب، بل يهدد بزج البلاد في محرقة جديدة وحرب إرهاب عالمية يشارك فيها السوريون لصالح القوى الاجنبية المتصارعة وتقوم على حسابهم ومن دماء أبنائهم.
ربما كان الأمل الوحيد المتبقي في وضع حد للكارثة المتفاقمة ووقف المذبحة السورية المتواصلة إلا السوريين أنفسهم، أي استعادتهم لوعيهم، وكسر حواجز الخوف، وقطع الخطوات الأولى نحو بعضهم البعض، لتقريب وجهات النظر وتشكيل رأي عام سوري وطني ضاغط على أمراء الحرب، داخل النظام وخارجه، وعلى الدول الصديقة والعدوة، الذين لا يبدون أي اكتراث بمعاناة الشعب ولا يعنيهم بأي شكل التخفيف عنه. ولا يمكن الوصول إلى هذا الهدف إلا بعودة السوريين إلى أنفسهم، ووقف المراهنات على الخارج، وبدء حوار سياسي وفكري صريح، ومكاشفة سورية سورية، في إطار لقاء وطني جامع يشارك فيه كل المعنيين بانقاذ البلاد، تفضى إلى تفاهم وطني لا مهرب منه في أي محاولة لعودة السلام والأمن والاستقرار للبلاد وإعادة إحياء سورية الوطن والشعب، وقيادتهما نحو نظام ديمقراطي جديد يحفظ حقوق الجميع ويساوي بين كافة السوريين.