ذات صلة

جمع

سوريا: “إما أن نرحل أو نموت”: التهجير القسري بموجب اتفاقات “المصالحة” في سوريا

منظمة العفو الدولية (أمنستي) تزايد اعتماد الحكومة السورية على الاتفاقات...

التقرير السنوي الثاني عشر: أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا في عام 2022

بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في الأسفل): باريس- أصدرت الشبكة...

دولة الحدود: إعادة تصوُّر الأراضي الحدودية السورية-التركية

أرميناك توكماجيان، خضر خضّور - مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق...

التقرير السنوي الحادي عشر: أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا في عام 2021

انهيار الدولة وتفتيت المجتمع بيان صحفي (لتحميل التقرير كاملاً في...

عودة اللاجئين السوريين من لبنان والأردن

هيومن رايتس ووتش واجه اللاجئون السوريون الذين عادوا من لبنان...

التقرير الاستراتيجي (1)

صعوبة الحل العسكري وغياب أفق الحل السياسي

بعد التقدم السياسي والميداني والدولي الثابت الذي شهدته الثورة خلال السنة الأولى، بدأت منذ منتصف عام ٢٠١٢، مرحلة اتسمت بالمراوحة في المكان. ونجح النظام خلالها في دفع الثوار، شيئا فشيئا، إلى حرب مواقع في المدن والقرى التي تحررت من سيطرته، قبل أن تبدأ مرحلة الحصار التي تعاني منها اليوم معظم مناطق الاشتباك. وارتبطت هذه التحولات بتغير عميق في طبيعة الحرب التي انتقلت من حرب داخلية يواجه فيها شعب يتوق للحريّة نظامًا مصمما على البقاء بأية وسلية، إلى حرب إقليمية، بعد أن قررت ايران أن تنخرط كليا في الحرب وتعتبر السيطرة على سورية خط الدفاع الأول عن مصالحها الاستراتيجية ونفوذها الاقليمي. وكان هذا القرار بداية تدفق الرجال والسلاح والمال من دون حدود على نظام الأسد لتعزيز مواقعه والحيلولة بأي ثمن دون سقوطه.

 تقاطع هذا الخيار مع الاستراتيجية الروسية التي كانت في حالة احتجاج دائم على ما تسميه “غدر” الغرب بها في ليبيا ومن قبل في العراق. ووجدت موسكو في النزاع السوري فرصة سانحة للانتقام من الغرب وتقويض صدقيته وإجباره على التراجع أمامها والاعتراف بدورها في السياسات الدولية. وكما وجدت موسكو في الانخراط الايراني المتزايد في الحرب الداخلية السورية إلى جانب النظام عوناً لها في تحقيق أهدافها، وجدت طهران في موسكو التي تملك حق النقض في مجلس الأمن ضالتها المنشودة لحماية تدخلها في سورية ومنع أي تحرك دولي يعرقل خططها أو يحد من قدرتها على تنفيذ سياستها الرامية إلى جعل سورية خط الدفاع الأول عن الجمهورية الاسلامية الايرانية.

كل ذلك رفع من مستوى التحدي الذي يواجهه الغربيون – في ما إذا قرروا، أو قرر بعضهم، التدخل بشكل أو آخر لدعم الثورة أو مد يد العون السياسي والعسكري لها – وقطع الطريق على أي عمل منسق بينهم  من النوع الذي شهدته ليبيا بمبادرة وضغط من فرنسا.

والواقع أن الغرب الذي مكن لحكم النظام القائم، وراهن عليه لضبط “تمرد” الشعب السوري، ، وغض النظر عن العنف غير المسبوق الذي استخدمه الرئيس السابق حافظ الأسد، وجميع المشاركين من عائلته معه في الحكم، لم يكن لديه حافز كبير ولا مصالح استثنائية لدعم الثورة السوريّة.

بل بدا في بعض الأحيان أنه كان يخشى من انتصارها أكثر مما يخاف من بقاء النظام، ويأمل بشكل أكبر أن يؤول الأمر إلى تغيير، متفاوض عليه، من داخل النظام، وبالتعاون مع الأسد نفسه، كما يشير إلى ذلك الوسطاء الكثر الذين ترددوا على دمشق في الأشهر الأولى للثورة لإقناع النظام بتعديلات دستورية وسياسية توقف حركة الاحتجاج المتنامية، وعلى رأسهم أمير قطر ووزير الخارجية التركية والعديد من المبعوثين الغربيين، حتى أن داوود اوغلو قدم للأسد مسودة لدستور معدل يقدمه النظام نفسه للشعب.

لكن الأسد رفض أي مشروع تغيير، واعتبره مغامرة بالنسبة لما كان يسميه الخصوصية السورية، واضطر جميع أصدقائه وناصحيه، من القطريين والأتراك والسعوديين والفرنسيين والبريطانيين إلى التخلي عنه، خوفا من التورط في التغطية على سياسة مضمونها الوحيد العنف والقتل المنهجي والجرائم ضد الانسانية وخراب البلاد.

لم يكن بإمكان الرئيس الحالي أن يتخلص من الاعتقاد الذي مارسه من قبله نظام والده خلال عقود، وهو أن أي تنازل ولو كان بسيطا للشعب سيقود إلى تنازلات أكبر، ويهدد بالتالي بنية نظامه القائمة على الاحتكار اللامحدود للسلطة والثروة وكل موارد القوة والنفوذ في جميع أنحاء سورية وعلى جميع المستويات. وقد كان الخطاب الاول للأسد في ٣٠ آذار مارس ٢٠١١ واضحاً تماماً في ذلك عندما قال إنه جاهز للمواجهة إذا كانوا جاهزين، ويقصد الشعب الذي اعتبره منذ تلك اللحظة عدواً ، واعتبر ثورته مؤامرة أجنبية.

ما ميز السياسة الغربية، وعلى رأسها سياسة الولايات المتحدة، في مقابل الانخراط الواسع والعلني لروسيا وايران في دعم نظام الأسد والمشاركة في الدفاع عنه بالرجال والسلاح، هو الابتعاد عن المواجهة المباشرة، والاكتفاء بالضغوط الاقتصادية والسياسية.

بانتظار أن تؤدي تضحيات السوريين وأخطاء النظام إلى تفكك هذا الأخير من داخله أو حصول إنشقاقات فيه تفتح باب التفاوض على تسوية ترضي جميع السوريين وتضمن مصالح الدول جميعا.

هذه هي السياسة التي سمحت بالتوصل إلى اتفاق جنيف1 في 30 حزيران/ يونيو 2014، الذي أصبح منذ ذلك الوقت محور جميع المبادرات السياسية المتعلقة بوقف الحرب السورية، وقادت إلى إصدار القرار ٢١١٨ الذي كرس التفاهم الروسي الأمريكي، وكرس واقع استحالة أي حسم عسكري في سورية وحتمية الحل السياسي.

التقرير كاملاً

المقالة القادمة